
أقر البرلمان الباكستاني تعديلات دستورية ممنوحة لقائد الجيش، المشير عاصم منير، تمنحه صلاحيات واسعة جديدة وحصانة مدى الحياة من الاعتقال والملاحقة القضائية. تُوصف هذه الخطوة من قبل منتقديها بأنها تمهد الطريق لنظام “استبدادي”، بينما تدفع بها الحكومة كـ”إصلاح هيكلي” لتعزيز الوضوح الإداري وتخفيف العبء على القضاء.
جوهر التعديل الدستوري
دخل التعديل الدستوري (السابع والعشرون) حيز التنفيذ في 13 نوفمبر، مُحدثًا تغييرات جوهرية في عمل المحاكم العليا. وبموجبه، يحق لأي ضابط يُرَقَّى إلى رتبة “مشير” الاحتفاظ بلقبه وزيه العسكري مدى الحياة، مع منحه “مسؤوليات وواجبات” جديدة حتى بعد تقاعده، تُحدد من قبل الرئيس بناءً على توصية رئيس الوزراء.
عمليًا، يعني هذا التعديل أن المشير منير، قائد الجيش منذ نوفمبر 2022، سيشرف الآن على القوات البحرية والجوية أيضًا، وهو ما يُتوقع أن يمنحه دورًا بارزًا ومستمرًا في الحياة العامة.
خلفية تاريخية: الجيش والسياسة في باكستان
للجيش الباكستاني تاريخ طويل في التأثير على المشهد السياسي للدولة النووية، تارة عبر انقلابات علنية للسلطة، وتارة أخرى عبر التحرك من خلف الكواليس. وقد تأرجحت باكستان طوال تاريخها بين فترات من الحكم المدني وأخرى من السيطرة العسكرية المباشرة تحت قيادة شخصيات مثل الجنرال ضياء الحق والجنرال برويز مشرف. يُشير المحللون إلى هذا النمط بـ”الحكم الهجين”، ويرى البعض أن التعديلات الجديدة تمثل انحيازًا واضحًا لكفة العسكر على حساب المدنيين.
من هو عاصم منير؟
· النشأة والخلفية: وُلد سيد عاصم منير أحمد شاه في روالبندي عام 1966، ونشأ في عائلة متدينة مرموقة. تلقى تعليمًا دينيًا مبكرًا في مدرسة “دار التجويد”، مما أكسبه لقب “الجنرال الملا” في بعض وسائل الإعلام الهندية.
· المسيرة العسكرية: التحق بالعمل العسكري عام 1986، وتدرج في الرتب وشغل مناصب قيادية حساسة. يتمتع بخبرة استخباراتية وأمنية فريدة، حيث تولى رئاسة كل من الاستخبارات العسكرية والمخابرات العامة، ليصبح أول قائد للجيش يجمع بين المنصبين.
· العلاقة مع عمران خان: أقاله رئيس الوزراء السابق عمران خان من منصبه كرئيس للمخابرات العامة عام 2018 دون أسباب معلنة. لاحقًا، وتحت قيادة منير، اتخذ الجيش موقفًا متشددًا تجاه خان وحزب حركة إنصاف، واتُهم بدور محوري في سجن خان وقمع أنصاره، والتأثير على نتائج الانتخابات السابقة.
· تعزيز المنصب: في نوفمبر 2024، مُدد ولاية قادة القوات المسلحة من 3 إلى 5 سنوات، مما وسّع فترة ولاية منير. ثم جاءت ترقيته إلى رتبة “مشير” في مايو 2025 بعد أزمة عسكرية مع الهند، كتقدير لدوره في “إدارة الأزمة ومنع تصاعدها”.
قراءات متضارعة للتعديلات
· رواية الحكومة والمؤيدين: تُصَوَّر هذه التغييرات على أنها تحديث للقيادة العسكرية وضمان لاستمرارية المؤسسات، ومكافأة على الخدمة الاستثنائية في زمن الحرب.
· رواية المنتقدين: يرى المعارضون أن هذه الحزمة مصممة لترسيخ سلطة الفرد والمؤسسة العسكرية فوق الرقابة المدنية، وتقليص صلاحيات القضاء، وتحصين الانتهاكات المحتملة من المساءلة القانونية. ويؤكد قانونيون أن الحصانة الممنوحة ذات طابع دستوري، مما يجعل إلغاءها أصعب مقارنة بالحصانات القانونية العادية.
أهمية منصب قائد الجيش في باكستان
يُعتبر قائد الجيش في باكستان، بحسب الإطار الرسمي، قمة الهرم الأمني والمسؤول الأول عن العمليات العسكرية والدبلوماسية العسكرية والاستجابة للأزمات. وينظر إليه محليًا ودوليًا على أنه غالبًا ما يكون الشخصية الأقوى في البلاد، حيث يمارس الجيش نفوذًا حاسمًا على السياسات الخارجية والأمنية والداخلية. ويعني “إضفاء الطابع الدستوري” على هذا الدور جعل صلاحياته محصنة إلى حد كبير أمام الطعون القضائية أو المدنية.
اللقاء مع ترامب: تعزيز للمكانة الدولية
في يونيو 2025، زار المشير منير الولايات المتحدة، حيث استضافه الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض على مأدبة غداء – في خطوة غير مسبوقة لاستقبال قائد عسكري باكستاني دون مرافقة كبار المسؤولين المدنيين. ناقش الطرفان التعاون في مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي والعلاقات الثنائية.
عززت هذه الزيارة من مكانة منير دوليًا، وأشارت إلى إعادة تقييم للعلاقات الأمريكية-الباكستانية. كما مثلت رمزية كبيرة داخل باكستان، حيث كان منير أول قائد جيه في الخدمة يلتقي رئيسًا أمريكيًا وجهًا لوجه بهذه الصورة.
صحيفة رؤية صحيفة إخبارية شاملة مملوكة لمؤسسة سيرفس كنترول مدينة إس إل الإسبانية في نسختها العربية تهتم بالشأن العربي عموماً والسعودي والموريتاني خصوصاً ..