مع اقتراب موعد إعلان جائزة نوبل للسلام يوم الجمعة المقبل، يعمل فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تعزيز ترشيحه للجائزة، مستندًا إلى ما يصفه بـ”جهوده التاريخية” في الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة. يروّج ترامب داخليًا لفكرة أنه على وشك تحقيق “سلام في الشرق الأوسط لم يتحقق منذ 3000 عام”، مستفيدًا من القبول الجزئي لحركة “حماس” لخطته، والذي أتاح له مساحة من التفاؤل، رغم أن رفض الحركة لنزع السلاح الكامل لا يزال يشكل عائقًا رئيسيًا.
ويدّعي ترامب أن جهوده الدبلوماسية خلال الأشهر الماضية أدت إلى إنهاء “ما بين 6 و8 حروب”، تشمل – وفقًا لروايته – الصراع في غزة وتخفيف التوترات حول أوكرانيا. ويعتمد في حملته على سردية “صنع السلام” من خلال التدخل في نزاعات عالمية شائكة مثل:
· النزاعات الإقليمية: (إسرائيل وإيران – إثيوبيا ومصر).
· النزاعات العالقة: (كوسوفو وصربيا – الكونغو ورواندا – أرمينيا وأذربيجان).
وليس هوس ترامب بالجائزة وليد اللحظة، فقد بدأ محاولاته منذ عام 2018 بالضغط على حلفاء لترشيحه، مستشهدًا بـ”اتفاقات إبراهيم” ثم بدوره المزعوم في منع “حرب نووية” بين الهند وباكستان. وقد وصلت حملته ذروتها بتسريبات عن اتصاله بالأمين العام السابق لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، لحثه على دعم ترشيحة. والمفارقة أن ترامب نفسه وصف الجائزة سابقًا بأنها “خدعة” بعد فوز خصمه باراك أوباما بها عام 2009، لكنه يُصر الآن على أن حرمانه منها سيكون “إهانة للولايات المتحدة”.
· المؤيدون: يسعى فريق ترامب، بمن فيهم المتحدثة باسم البيت الأبيض ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، إلى بناء قصة نجاحه، بينما انضم قادة من إسرائيل (نتنياهو) وإفريقيا (الغابون، موريتانيا، السنغال) إلى حملة التأييد، مدركين أن الإطراء سبيل لكسب ودّه.
· الخبراء والمحللون: على النقيض تمامًا، يستبعد عدد كبير من الخبراء في مراكز أبحاث مرموقة مثل “بروكينغز” و”مجلس العلاقات الخارجية” فوزه، مقدّرين فرصه بـ”صفر” تقريبًا. ويؤكد مؤرخو الجائزة أن أخلاقيات “أميركا أولاً” الانعزالية لترامب تتعارض مع التوجه متعدد الأطراف الذي تمثله الجائزة. كما أن دعمه غير المشروط لإسرائيل في غزة يتناقض – وفقًا لهم – مع مُثل السلام التي تكرسها نوبل.
ويُتوقع أن يرد ترامب بعنف في حال لم يفز، وربما يهاجم لجنة الجائزة واصفًا إياها بـ”اليسارية المتطرفة”، في محاولة لتحويل الخسارة إلى أداة لتعزيز صورته كـ”ضحية” للنخب العالمية قبل الانتخابات.
وفي المقابل، تتجه التكهنات نحو مرشحين آخرين، حيث قد تكافئ الجائزة هذا العام:
· منظمات الدفاع عن الصحافيين (مثل “مراسلون بلا حدود”) في ظل العام الدامي للصحافة، لا سيما في غزة.
· الشخصيات الرمزية مثل يوليا نافالنايا (أرملة نافالني).
· جهود الإغاثة في السودان أو المحكمة الجنائية الدولية.
وتبقى جائزة نوبل للسلام، برغم مكانتها الرمزية، ورقة في لعبة سياسية أوسع. بينما يرى ترامب فيها تتويجًا لشرعيته كصانع سلام، يراها محللون استحقاقًا بعيد المنال لسياسي تتعارض أساليبه مع التقليد الأساسي للجائزة. مهما تكن النتيجة، فإن المشهد يؤكد أن الطريق إلى أوسلو محفوف بصراعات الإدراك والواقع قبل صراعات السلام