السبت , أكتوبر 18 2025
أخبار عاجلة
الرئيسية / الصحه / كيف تخدع عقلك المتعب؟.. نصائح الخبراء للتعافي من قلة النوم

كيف تخدع عقلك المتعب؟.. نصائح الخبراء للتعافي من قلة النوم

وباء الحرمان من النوم

أصبح الحرمان من النوم سمة مميزة للحياة العصرية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن حوالي 75% من الناس يستيقظون وهم يشعرون بعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم المريح. بل إن الوضع أكثر خطورة بالنسبة لخمس السكان، الذين يعتادون على النوم أقل من ست ساعات كل ليلة، وهي مدة يرى الخبراء بالإجماع أنها غير كافية للحفاظ على الصحة والعافية.

ولكن تداعيات قلة النوم تتجاوز مجرد الشعور بالتعب والإرهاق طوال النهار. فكما توضح الدكتورة إيفانا روزنزويغ، أخصائية طب النوم والأعصاب والنفس في مستشفى “جايز وسانت توماس”، أن قلة النوم “تغير طريقة تواصلنا مع العالم، ومع الآخرين، ومع المهام، وحتى مع أنفسنا”. وتؤكد الدكتورة فيكتوريا ريفيل، الأستاذة المساعدة في علم وظائف الأعضاء اليومية بجامعة سري، أن “هذا النقص سيؤثر حتمًا على أدائك (الجسدي والعقلي)، وسلوكك، وسلامتك، ورفاهيتك في اليوم التالي”.

فما الذي يحدث بالضبط داخل أجسامنا وعقولنا عندما لا ننم جيدًا؟ والأهم من ذلك، كيف يمكننا التغلب على هذه الآثار السلبية؟ هذا الدليل التفصيلي يقدم الإجابة.

الآثار الجسدية والعقلية لقلة النوم

بعد ليلة واحدة فقط من النوم المضطرب، تبدأ مجموعة من الآثار الواضحة في الظهور، كما توضح الدكتورة روزنزويغ، رئيسة مركز النوم ومرونة الدماغ في “كينجز كوليدج لندن”، والتي تشمل:

· تباطؤ في سرعة التفكير.
· ضبابية في الانتباه والتركيز.
· صعوبات في استرجاع الذاكرة.
· اضطراب في التحكم بالمشاعر.

وراء هذه الأعراض الواضحة، تحدث تغييرات دقيقة في كيمياء الدماغ. فقد كشفت أبحاث الدكتورة روزنزويغ وفريقها أن الحرمان من النوم يجعلنا:

· أكثر تشاؤمًا: نميل إلى تفسير التفاعلات الاجتماعية بشكل سلبي.
· أقل تعاطفًا: تنخفض لدينا الكرمة والدفء الاجتماعي في التعامل مع الآخرين.

ويرجع ذلك إلى أن قلة النوم تعطل عمل الأجزاء المسؤولة في الدماغ عن:

· الحكم على الأمور.
· التعاطف مع الآخرين.
· التنظيم الذاتي للمشاعر.
· التفكير المنطقي وضبط النفس.

وتلخص روزنزويغ النتيجة بقولها: “النتيجة هي نوع من تضييق المنظور: قد نشعر بأن العالم أكثر تهديداً، وأكثر تطلباً، وأقل قابلية للإدارة”.

أما على المستوى الجسدي، فإن قلة النوم تؤدي إلى:

· ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر).
· إضعاف تنظيم مستويات السكر في الدم.
· تغيير في استجابة الجسم للألم.
· زيادة مستويات الالتهاب وإضعاف الوظيفة المناعية.

خارطة الطريق للتعافي: 6 خطوات عملية ليومك بعد ليلة الأرق

لا يمكن محو آثار ليلة بلا نوم تمامًا، ولكن يمكن دعم الجسم للتعافي بشكل فعال من خلال اتباع هذه الاستراتيجيات:

1. اشرب ضوء الصباح وتحرك برفق
الخطوة الأكثر أهمية هي التعرض لضوء النهار الطبيعي في غضون 90 دقيقة من الاستيقاظ. يوضح الخبراء أن ضوء الصباح يقوم بما يلي:

· يثبط إفراز هرمون الميلاتونين (المنوم) المتبقي في الجسم.
· يعزز إنتاج السيروتونين (المعزز لليقظة والمزاج).
· تساعد الحركة اللطيفة مثل المشي القصير على تحفيز النواقل العصبية التي تعزز اليقظة والتركيز.

2. ضبط توقيت الكافيين بدقة
يعمل الكافيين على محاربة النعاس عن طريق حجب مستقبلات الأدينوزين (الناقل العصبي المسؤول عن الشعور بالتعب) في الدماغ. للمحافظة على فاعليته وعدم عرقلة نوم الليلة التالية:

· التوقيت الأمثل: تناول قهوتك في منتصف الصباح (بين 9:30 و11:30 صباحًا).
· تجنب المتأخر: توقف عن تناول الكافيين بعد الظهر بسبب طول عمره النصفي (5-6 ساعات).

3. اختر إفطارًا يعزز الاستقرار
تقل كفاءة الجسم في التعامل مع السكريات بعد ليلة من الأرق. لذا:

· تجنب: المعجنات، الخبز المحمص بالمربى، والحبوب السكرية التي تسبب ارتفاعًا ثم انهيارًا مفاجئًا في الطاقة.
· اختر: إفطارًا غنيًا بالبروتين مثل البيض مع الخضروات، مما يساعد على استقرار سكر الدم ويدعم إنتاج النواقل العصبية المسؤولة عن التركيز والتحفيز.

4. القيلولة الذكية: قصيرة ومبكرة
القيلولة ليست الحل الأمثل، ولكن إذا كنت بحاجة ماسة للبقاء يقظًا:

· المدة: لا تزيد عن 20 دقيقة.
· التوقيت: في منتصف النهار المبكر (بعد الغداء) لتتزامن مع الانخفاض الطبيعي في اليقظة وألا تؤثر على نوم الليل.

5. الترطيب والحركة الدورية

· اشرب الماء: حتى الجفاف البسيط يزيد الإرهاق. احرص على شرب حوالي 2-2.5 لتر من الماء خلال اليوم.
· تحرك بانتظام: قم من مكانك كل ساعة للمشي قليلًا أو التمدد لزيادة تدفق الدم إلى الدماغ وتجديد النشاط.

6. الحفاظ على روتين النوم المسائي
مقاومة إغراء النوم مبكرًا لـ”تعويض” النوم هو الأفضل. الأكثر فعالية هو:

· الالتزام بالموعد المعتاد: الذهاب إلى الفراش في نفس الوقت المعتاد للحفاظ على انتظام الساعة البيولوجية.
· تهيئة الجسم للنوم: خفف من المنبهات (مثل الشاشات) قبل ساعة من النوم لمساعدة عقلك على الدخول في نوم عميق ومُجدد.

خاتمة: النوم هبة لا تعوض
تختتم الدكتورة روزنزويغ بتذكيرنا بأن “النوم ليس حالة سلبية، بل هو عملية ديناميكية ومنسقة تُصقل أفكارنا، وتُثبّت مشاعرنا، وتُهيئنا لمواجهة العالم بهدوء وذكاء”. وفي الأيام التي نفقد فيها هذه النعمة، يمكننا من خلال التعامل الواعي مع إيقاعات أجسامنا البيولوجية أن نستعيد توازننا ونمضي قدمًا بهدوء متجدد.

عن خديجة السالم

شاهد أيضاً

موريتانيا تشارك في اجتماع أفريقي رفيع حول السيادة الصحية بنيويورك

شارك وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك في اجتماع لجنة رؤساء دول وحكومات أفريقيا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *