تشهد منطقة اليورو لحظة فارقة لتعزيز مكانة عملتها الموحدة على الساحة العالمية، مدفوعة بالقلق من السياسات الأمريكية والتوجهات الحمائية، إلا أن الانقسامات الداخلية بين الدول الأعضاء تهدد بإهدار هذه الفرصة.
الفرصة الضائعة
في مايو الماضي، دعت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، قادة أوروبا إلى استغلال ما أسمته “اللحظة العالمية لليورو”، معربة عن خيبتها من نقص القيادة السياسية لتحقيق هذه الغاية. وبعد أربعة أشهر، غرقت هذه الدعوات تحت وطأة الانقسامات الوطنية والأولويات الأخرى، مثل الحرب في أوكرانيا والاضطرابات السياسية الداخلية.
عقبات ثلاث في طريق التعزيز
أظهرت مقابلات مع مسؤولين ومحللين أن الإصلاحات اللازمة لتعزيز جاذبية اليورو للمستثمرين تواجه جموداً سياسياً، أبرز مظاهره:
1. رفض إصدار سندات دين مشتركة: ما زالت مقترحات إصدار دين مشترك باليورو (مثل سندات الدفاع الأوروبي) تواجه مقاومة من دول شمال أوروبا بقيادة ألمانيا، خوفاً من تحمل ديون الدول الأخرى.
2. تجزئة الأسواق الرأسمالية: فشلت خطط إنشاء اتحاد موحد لأسواق رأس المال بسبب تردد الدول في نقل الصلاحيات من المستوى الوطني إلى هيئات الاتحاد الأوروبي.
3. تأخر اليورو الرقمي: لا تزال الخطط لإطلاق نسخة رقمية من اليورو متجمدة منذ أكثر من عامين بسبب مخاوف البنوك والمشرعين من تداعياتها.
لماذا يُعد تعزيز اليورو مهماً؟
على الرغم من كون اليورو ثاني أهم عملة احتياطية عالمياً (بنسبة 20%)، إلا أن الهيمنة الساحقة لا تزال للدولار الأمريكي (60%). ويسعى القادة الأوروبيون إلى تعزيز مكانة اليورو لحماية اقتصاداتهم المعتمدة على الصادرات من تقلبات أسعار الصرف والعقوبات الاقتصادية المحتملة.
خلفية
يعد اليورو أحد أبرز إنجازات الاتحاد الأوروبي، حيث يستخدمه 350 مليون مواطن. وقد نجا من الانهيار خلال أزمة الديون السيادية قبل 15 عاماً، لكنه لا يزال بحاجة إلى إصلاحات هيكلية لتعزيز مكانته كبديل حقيقي للدولار.